مقالات الطفل

مقالات الطفل


  1. 1.      أولادنا وبناتنا في خطر! ا(مقالة - )
  2. 2.      أيهما نورث أولادنا(مقالة -)
  3. 3.      ألعاب أولادنا(مقالة - )
  4. 5.      أولادنا والإجازة(مقالة)
  5. 6.      أولادنا والصيف(مقالة - )
  6. 7.      أولادنا في رمضان(مقالة - )
  7. 8.      ولدي والشجاعة(استشارة - )
  8. 9.      ظاهرة التدخين في مدارسنا(مقالة - )
     


  1. أولادنا وبناتنا في خطر! ا(مقالة - )
الشيخ إبراهيم بن صالح العجلان

إخوة الإيمان:
أولادُنا فلذاتُ أكبادنا، وثمارُ قلوبنا، وبهجةُ نفوسِنا، هم سراج البيوت وأنوارُها، ورياحين الحياة وزينتُها، نحن لهم أرضٌ ذليلة وسماء ظليلة، إن طلبوا أعطيْناهم، وإن غضِبوا أرْضيناهم.

وَإِنَّمَا       أَطْفَالُنَا       بَيْنَنَا        أَكْبَادُنَا تَمْشِي عَلَى الأَرْضِ
إِنْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلَى بَعْضِهِمْ        امْتَنَعَتْ  عَيْنِي  عَنِ  الغُمْضِ
الولد نعمةٌ وأمانة، لوالده غُنمُها وعليه غُرمُها.

ولذا؛ كان تربية الولد وصيانته والمحافظةُ عليه من أعظم الأمانات على كلِّ أبٍ ذاقَ  حلاوةَ الذرِّيَّة؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ} [التَّحريم: 6].

وفي الحديث يقول النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيَّته، الرَّجُل راعٍ على أهل بيْتِه، وهو مسؤولٌ عنهم))؛ رواه البخاري في "صحيحه".

إنَّ الحديث عن أهميَّة تربية الأولاد تربيةً إسلاميَّة ليتأكَّدُ في هذا الزَّمن الذي كثُرت فيه المغريات، وادلهمَّت فيه الشُّبهات، وأصبحت البيوت تُغْزَى بثقافات وسلوكيَّات لَم يعْهدْها الآباء والمربُّون.

أصبحتَ وأنت في بيتِك وبيئتك لا تتحكَّم في تربية أبنائِك، من كثْرة الإغراءات والإغْواءات التي تُمطرنا بها الفضائيَّات ومواقع الإنترنت.

إنَّ مسؤوليَّة التَّربية - أيُّها الأب المبارك - ليس بضْع كلِمات تُقال ثمَّ تنتهي بعدها المسؤوليَّة، كلاَّ؛ بل مشوارُ التَّربية رحلةٌ طويلة، وجهد مستمرّ، وتحسّس دائم للطرُق الصَّحيحة في التعامل مع الولد في مراحل حياةِ عمره.

معاشر الآباء:
ومن التَّربية الصائبة معرفة الطرُق الخاطئة في التعامل مع الأولاد؛ إذْ إنَّ الخطأ في تربية الأوْلاد ربَّما أدَّى إلى عواقبَ مؤسفة في نشأتهم وحياتهم ومستقبلهم.

فيا أيها الأبُ المباركُ، أَرْعِ لنا سمعَك، واستجْمِع معنا قلبَك إلى حديث الأخْطاء - وكلّنا ذلك الخطَّاء - إلى "لاآتٍ" ستٍّ، نتعرَّفها لنحذرها، ونتِّقي آثارَها السيِّئة بعد ذلك.

اللاء الأولى: لا للعسْكرة.
أيُّها الأب المبارك، لا تجعل علاقتَك مع ولدك علاقة عسكريَّة، علاقة قائمة على الأمر والنَّهي، والطَّلب والكفّ، فالولد لا يعرف من والدِه إلاَّ لغة اللوم والعَتْب، والتَّبكيت والتسخّط، هذا الفقْر في المشاعر، والجفاء في الأحاسيس - يُحْدِث صدمات انعكاسيَّة في نفس الولد.

فما أجمل أن يرى الأبناء محبَّة والدِهم ظاهرة في كلماته، ونظراته، وأفعالِه، وحنانه! تذكّرْ - يا رعاك الله - أنَّ الكلِمة العاطفيّة الطيّبة التي ترنُّ في أذُن طفلك هي البذرة الطيّبة، التي تؤتي أكُلَها كل حين بإذْن ربِّها.

وخير البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانت تظهر منه مشاعر المحبَّة لذريَّته حتَّى أمام الآخرين؛ قبَّل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -  سبطيْه الحسن والحسين أمام النَّاس، فرآه أحدُ الجفاة الأعراب، فقال: أتقبِّلون صِبْيَانَكم؟! إنَّ لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ واحدًا منهم! فقال الرؤوف الرَّحيم: ((إنَّ مَن لا يرحم لا يُرحم))؛ رواه مسلم.

وإذا كانت العلاقة بين الوالد وولده تُظلِّلُها المحبَّة، وتكتنِفها الألفة، ويغشاها الوداد، كانت للنَّصائح أثرها، وللتوجيهات استجابتُها.

اللاَّء الثَّانية: لا تقطع حبل التَّواصُل. أي: تواصلك مع ابنِك، وجلوسك معه، وسماعك له، لا تتعذَّر - أخي المبارك - بالمشاغل وكثرة الارتباط؛ فولدك ولدك بِحاجةٍ أن تنفق عليْه من وقتك أكثر من مالك، كن كذلِك قبل أن تتخطَّفه رفقة السوء.

كن كذلك قبل أن يشتدَّ عود الولَد، ويصعب حينها التَّصارُح والمصارحة.

إنَّ وجود الأذُن المصْغية للطِّفل تقوِّي وشائج المودَّة، وتبني جسرًا من الثِّقة تُجاه الأب، فيرى الولد في والده متنفَّسًا لهمومه، طبيبًا لمشكلاته، دليلاً لحيرته واضطراباته، وقد أوْصت دارساتٌ نفسيَّة واجتماعيةٌ عدَّة بأهمية التفاعل بين الأبناء وآبائِهم وأمهاتهم، وتأثير ذلك في تنشئتِهم الاجتماعيَّة، وفي الارتِقاء بشخصيَّاتهم، وبخاصَّة في السنوات الأولى من العمر.

اللاَّء الثالثة: لا تقارِن.
من الخطأ إذا قصَّر الابن في أمرٍ ما أن يُوبَّخ بسلسلةٍ من المقارنات: انظر إلى فلان، لماذا لا تكن مثل فلان؟! فلانٌ أفضل منك.

هذا الانتِقاد يُحدث إحباطًا في نفس الطفل وشعورًا بالدونيَّة، فيكون له أثرُه في ضعف شخصيَّته، وفَقْد الثقة بنفسِه، فضلاً عما يسبِّبهُ هذا الأسلوبُ من تفجُّر الغيرة المحبوسة في قلب الطفل تُجاه مَن يُقارن به.

تخيَّل أيُّها الأب، لو استُخدِم معك هذا الأسلوب، ألا تُحدث لك هذه المقارنةُ توتُّرًا في ضميرك؟! فكذلك فلذةُ كبِدك يَحمل بين جنبيْه نفسًا كنفسك، تغضب وترضى، تحب وتكره.
فيا أيُّها الأب المبارك:
اقْلع شجرة المقارنات من ترْبَة تربيتِك، وازْرَع مكانَها بذرة الأمل، واسقِها بالتَّشجيع، وتعاهدْها بالحثِّ على الكِفاح.

اللاء الرَّابعة: لا تفرِّق. اجعل أبناءك كأسنان المشْط، لا تميِّز أحدًا على أحد، حتَّى ولو امتاز بذكاءٍ، أو فصاحةٍ، أو جمال.

العدل بين الأولاد واجبٌ شرعي؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقوا الله واعدِلوا بين أولادِكم)).

كم من المآسي عاشتْها بعض البيوت بسبب هذا التمييز الأخرق بين الأولاد! ترى البعض يستخدم المتناقضات في تربيتِه لأولاده، فيمدح هذا ويهجو ذاك، ويُعطي الأول ويمنع الثاني، ويُرضي الأصغر ويُسْخِط الأكبر؛ ممَّا يؤجِّج نار الغيرة، ويولِّد روح العداء بين الأولاد، فتكون ثمرته عقوقَ الأبناء تجاه الآباء؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - لبشير بن سعد، وقد جاء يُشهِده على عطية لأحد أبنائه: ((لا تُشهدْني على زور))، وقال له أيضًا: ((أيسرُّك أن يكونوا لك في البِرِّ سواءً؟)) قال: نعم، قال: ((فلا إذًا)).

اللاء الخامسة: لا تكن يتيمَ المعاملة. تذكَّر - أخي المبارك - أنَّ الخلق متفاوتون في عقولهم، وتفكيرهم، ودمائهم، وأمزِجتهم؛ فطبيعي أن يوجد هذا الاختلاف بين الأولاد؛ فمِنهم الذكي النجيب، ومنهم مَن هو دون ذلك، منهم سريع الاستجابة، ومنهم البطيء، منهم الهادئ، ومنهم المستعجل.

فنوِّع معاملتك، وعدِّد أسلوبك بما يتناسب مع طبع الولد وعقله، وهذا التنويع في التوجيه والتربية أسلوبٌ نبويٌّ، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ينوِّع أساليبَه في التوجيه بما يناسبُ حال المنصوح.
ومن تنوُّع المعاملة أن تدرك - أيُّها الأب الكريم - أنَّ ولدك منذ زهراته حتَّى يشُبَّ، يمرُّ بمراحلَ عدَّة، ولكل مرحلةٍ ما يناسبها في التربية والتوجيه.

فلا تعامل ولدك وهو في سنِّ التَّمييز معاملةَ ابن السنَتين، لا تعامل ولدك وهو على أعتاب مرحلة الثانوية معاملةَ المبتدأ في التعلُّم والتعليم.

الضرب مثلاً مع الصغير يُصلحه ويؤدِّبه، ومع المراهق قد يَبني بين الوالد وولدِه جسرًا من الجفاء والنّفرة، فلكل مرحلةٍ أسلوبُها وطريقتها.

ومن وحْي السنَّة النبويَّة الدالِّ على هذا: ((مُروا أولادَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع)).

اللاء السادسة: لا تكن قاسيًا ولا مدلِّلاً. كُن سهلاً من غير تفريط، وحازمًا من غير إفراط، فالقسوةُ والتَّدليل طرفا نقيضٍ، وكلاهما في التربية ذميم؛ فبعض الآباء تغلُب عليه رقَّةُ الأبوُّة وعطفُها، فيعيش طفلُه في كنفه حياةَ الدلع والدلال.

فأوامر الطفل منفَّذة، وطلباته منْجزة، ورغباته حاضرة، وكلمة (لا) لَم ولن يسمعها هذا الطِّفل المدلَّل.

وهذه آفة تربويَّة لها ما بعدها من السلوكيَّات الخاطئة التي يتطبَّع عليْها الطِّفْل، من عدم الشُّعور بالمسؤوليَّة، والاتِّجاه نحو الميوعة، وظهور الأنانيَّة على أخلاقِه.

وفي المقابل: فإنَّ بعض الآباء يُغلِّب حدَّةَ الطبع، فَيُفْرِط في القسوة؛ معلِّلاً قسوتَه بطلب المثالية، وليصبحَ ولدُه بعدها رجلاً، ونسِي أو تناسى الآثارَ السلبيَّة المنتظرة من هذه القسوة، وانعكاسَها على شخصية الولد، كالتمرُّد على الأسرة، وتحوُّل الطفل إلى شخصيَّة عدوانيَّة، أو إصابته بصدمات نفسيَّة.

نعم، قد تكون القسوة والحزْم نوعًا من العلاج والتَّربية، كما قال الشاعر:

فَقَسَا لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِمًا        فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا  عَلَى  مَنْ  يَرْحَمُ
بيْدَ أنَّ هذه القسوة ليست هي الأصلَ، بل هي آخرُ العلاج، ولا تكون إلاَّ بعد محاولات الرِّفْق واللين، وتكون بالشَّكل المعقول والمقبول، تكون للبناء لا للهدْم، وللتوجيه والتقويم، لا للفظاظة والانتِقام، وفي مُحْكَم التَّنزيل: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159].

بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحدَه، والصلاة والسَّلام على مَن لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحْبِه ومَن سار على دربه.

أمَّا بعد:
فيا عباد الله، ومن أهمِّ وسائل إصلاح النشْء التربية بالقدْوة: تربيةٌ صامتة، ولكنَّ أثرها أعظم من كل توجيه، فالطفل منذ ضعفه مفطورٌ على محاكاة مَن هو أكبر منه، فأنتَ أنت يا عبد الله صورةٌ حيَّة لأولادك، فانظر ماذا ترسم في شخصيَّتهم من خلال قولك، وسَمْتك، وفعلك.

مَشَى الطَّاوُسُ يَوْمًا  بِاخْتِيَالٍ        فَقَلَّدَ   شَكْلَ   مِشْيَتِهِ    بَنُوهُ
فَقَالَ: عَلامَ تَخْتَالُونَ؟  قَالُوا        بَدَأْتَ   بِهِ   وَنَحْنُ   مُقَلِّدُوهُ
وَيَنْشَأُ   نَاشِئُ   الفِتْيَانِ   مِنَّا        عَلَى  مَا  كَانَ  عَوَّدَهُ   أَبُوهُ
وَمَا دَانَ الفَتَى بِحِجًى وَلَكِنْ        يُعَوِّدُهُ      التَّدَيُّنَ      أَقْرَبُوهُ
القدوة - يا أهلَ الإيمان - ليستْ كلِمات تقال، بل هي سلوكٌ وأفعالٌ.

شرخٌ في جدار التربية أن تنهَى طفلك عن الخطأ وتأتي مثلَه، عارٌ عليْك عظيم أن تنهَى صفيَّك عن النَّظَر للحرام، ثمَّ يراك مُرْسِلاً طرْفَك للحسناوات والمليحات.

مَن هجَر المسجِد والجماعاتِ لا ينتظِر مِن ولده أن يكون من أهل الصَّلاة، ومَن هيَّأ لنفسِه وبنيه جوَّ المعاصي والمحرَّمات، لا ينتظِر من أولاده أن يكونوا من أهل التُّقى والعبادات.

لا تكن القيمُ والمثُل التي تُسقى للأبناء في الصَّباح تُحرِقُها الأفعال في المساء.

القدوة الحقَّة - يا عبدَ الله - أن يرى فيك ولدُك أثر توجيهك وقولك، يرى الابن خوفَ الله ورجاءَه، وتعظيمَ حرُماته والوقوفَ عند حدوده ماثلاً في حال وحياة أبيه.

أيها الآباء الكرام:
ومن أعظمِ أسبابِ صلاحِ الذريَّة وفلاحِها: الدعاءُ الصادقُ، ولنا في رسُل الله أسوةٌ حسنة؛ فقد سجَّل لنا القرآن الكريم ابتهالاتٍ عظيمةً، ودعواتٍ جليلةً تضرَّع بها أنبياءُ الله - تعالى - لأولادِهم.

فهذا خليلُ الرَّحمن ابتهل إلى ربِّه: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]، {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، ودعا زكريَّا ربَّه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38].

ومدح الرحمن عبادَ الرَّحمن، الذين يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

وفي الحديث الحسن: ((ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ، لا شكَّ فيهنَّ: دعوة الوالِد، ودعوة المسافِر، ودعوة المظلوم))؛ رواه أبو داود وغيره.

وأخيرًا: أيُّها الأب المبارك، تيقَّن أنَّ صلاح نفسِك واستقامتَك على دين ربِّك سببٌ لصلاح ذرّيَّتك، وحفظ عقِبِك من بعدك.

وفي خبَرِ مَن غبر حفِظ الله مالَ الغلامين حتَّى كبِرا بسبب صلاح أبيهِما.

وصدق الله - ومَن أصدق من الله قيلاً؟! -: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].

اللهم صلِّ على محمَّد.


2.أيهما نورث أولادنا(مقالة -)

رضا محمد   


شاء القدر أن أعاصر امرأتين:
أولاهما: احْتَكَكْتُ بها في السنين الأولى من حياتي، وكان لها الأثر الكبير في حياتي، فقد تربيتُ يتيمةَ الأمِّ منذ نعومة أظافري، ووجدتُ عند هذه المرأة الحبَّ، والحنان، والأمان، وحُسن الرعاية في الأوقات التي كنتُ أقضيها عندها.

فهذه المرأة تربَّتْ بين والدين منفصِلَيْن في طفولتها، وكل له حياة مستقلة مع طرف آخر، فتعذَّبتْ كثيرًا في طُفُولتِها وشبابها؛ من جَرَّاء هذا الأمر، ثُمَّ تزوجتْ وبدأتْ أقسى فُصُول حياتها؛ فتزوَّجَتْ رجلاًّ نرجسيًّا إلى أقصى ما يَتَصَوَّره إنسانٌ، فهي لا تأكل إلا بعد أن يأكل، وإذا احتاجتْ لأي شيء لا يلبِّيها لها، حتى لو كان من أشد ضروريات الحياة؛ من دواء أو كساء أو طعام.

وأنْجَبَتْ له البنين والبنات، فلم يكونوا أفضل حظًّا مِن أمهم، وكان أشد شيء قسوة من هذا الرجل هو علاقاته النِّسائية الكثيرة، على مسمع ومرأى منها، ومِن أولادِه، وتوقع الكثيرُ من حولها أن تمتلئ بالحقد، والحسد، والضغينة، والغلِّ، والقسوة، وعدم الرغبة في الاستقرار لما مَرَّتْ به في حياتها، ولكنَّها خَيَّبَتْ توقُّعات كلِّ من حولها؛ فكانتْ شُعلةً منَ الحَنَان والحبِّ والاحتواء لكلِّ مَن حولها، وكانتْ كالشجرة الوارفة الأغصان، يحتمي بأوراقِها كلُّ مَن حولها، كانتْ كذلك لأولادها، وإخوانها، وأخواتها مِن أبيها وأمها، وأقارب زَوْجها، وأولادهم.

فكانت تجمع حوالي تسعة من الأسر وأولادهم، وكانت تعاملنا كلنا معاملة واحدة بما فيهم أولادها، فتَعَلَّمنَا منها العدلَ، والرحمة، ووصل الأرحام، حتى لو قطعونا، وتَعَلَّمنا منها الإحسان إلى مَن يُسيء إلينا، والصبر، فكان أولادها وأولاد إخوانها وأخواتها، وأولاد أخوات وإخوان زوجها ما يزيد عن خمسة وعشرين فتى وفتاة، وكان بيتُها هو المحضن لنا جميعًا، وكانت تجمعنا فتحكي لنا القِصص التي تَحْوي العِبَر والدروس منَ الوفاء والصِّدق، والنَّقاء والتضحية، وتحيك لنا العرائس من بقايا ملابسها القديمة، وتَعَلَّمْنا منها الرضا بالقليل.

وتعلمنا منها الابتسامة، رغم مرارة الأَلَم وعدم الشكوى إلا لله، فكانتْ تحتفظ بالألم داخلها، ولا يراها أحدٌ تَبْكي أبدًا إلا أنا، فكنتُ مِن حبي لها أتابعها في كلِّ حركاتِها، وكنتُ أنا موضعَ سرِّها رغم صغر سني، فكنتُ أنا الصديقةَ لها، والأم أحيانًا، والأب إن احْتاج الأمر.

فقد كانتْ وما زالت هذه المرأة كالنخلة، كلَّما رميتها بالحجر، رمتْك بالثمر، ومرض زوجُها مدة كبيرة في آخر عمره لأكثر مِن عشر سنين، فقامتْ بِدَوْرِها نحوه على أكْمَل وجْه، فلم يكنْ يراها أحدٌ إلاَّ ظَنَّهَا امرأة مُحبَّة لزَوْجِها إلى أبْعَد الحدُود، ولم تَتَشَفَّى فيه، أو تهينه، ولم أسْمَعْها تَبَرَّمَتْ مِن خدمته يومًا، ولم تَذْكُرْه بسوءٍ قط بعد موته، رغم أنني كنتُ أرى ما أَلَمَّ به عاجل حساب من الله؛ لما فَعَلَهُ لها طيلة حياتها هي وأولادها، من شقاء وحرمان وإهانة.

وكبر أولادها، وعَوَّضَهَا الله فيهم بحسن برِّها، ووسع الله عليهم منَ الرزق الحلال، والبركة فيهم، واحتَضَننا أولادها، وكبرنا واحتضنا أولادهم، وكبر أبناؤهم، واحتضنوا بدورهم أولادنا، والآن يكبر أولادنا، وسيقومون بنفس الدور مع الجيل القادم، فانظروا ماذا ورَّثت تلك المرأة، لم تورثْ مالاً، ولكنها ورَّثَتْ كنوزًا، لا تضاهيها أموال الدنيا، ولوِ اجْتَمَعَتْ فقد ورثتِ الحب والعطاء، وإن كانَ مع الفقر.

أما المرأة الأخرى، فقدِّر لي الاحتكاكُ بها في شبابي، فقد تربَّتْ هذه المرأة يتيمة الأب، ولكنَّها تربَّتْ مُدَلَّلة لِيُتْمِها، وتزوج أمَّها رجلٌ صالحٌ حنونٌ، وكان مبتلى بموتِ أولادِه عند سنِّ السادسة إلى السابعة، وضمها وإخوانه إلى ابنه المتبقي، وأحْسَنَ إليهم، وأغْدَقَ عليهم، فقد كان ميسورَ الحال، كريمًا جوادًا، وعندما كبرتْ زَوَّجَها لابنه إكرامًا لها، وحِفاظًا عليها مِن أنْ يَتَزَوَّجَهَا رجلٌ لا يصونها، ولكن كان هذا رغمًا عن ابنه، وكان يريد الارتباط بأخرى، وسَبَّبَ ذلك ضيقًا خفيًّا في نفسها، وضاق الحالُ بالرجلِ الصالحِ، وطبعًا تأثَّرَ لذلك حالُ ابنه، فكان هذان سببين لأن تحقدَ هذه المرأة على كلِّ امرأةٍ يعزها زوجُها، ويكون ميسورًا، واسْتَحْكَمَ هذا الحسد والحقد، وصار غِلاًّ، وللأسف وَرَّثَتْ هذا إلى أوْلادِها، سواء البنين والبنات.

وكان للبنات الحظُّ الأوفر، ولم تهتم هذه المرأة بزَرْع الحبِّ والإيثار بين أوْلادها؛ بل أصْبَحَ الأبناءُ يغارون مِن بعضهم، ويحسدون بعضهم، وورَّثوا أولادهم هذا البلاء، إلاَّ مَن رَحِم اللهُ ببعض أبنائهم، بأن رَزَقَهُم زوجاتٍ تتقين اللهَ قدْر الاستطاعة، ووفقهم الله بالتنبُّه لهذا الأمر، واستعَنَّ بالله على ألاَّ يُوَرِّثوا أولادهم هذا البلاء، ويزرعوا فيهم ما زرعتْه المرأةُ الأولى.

فعلينا جميعًا العبرة كما كان أبو الدَّرْدَاء، حين سُئِلَتْ زوجه عن أرجى عمل لزوجها، فقالتْ: العبرة والعظة، فكان إذا خَرَجَ لا يقعُ عينُه على شيء إلا واتَّعَظَ منه.

وأخيرًا:
فلنقفْ لحظةً صادقةً مع أنفسنا ولنسألها: ماذا نُوَرِّث أولادنا؟ هل الحب والعطاء والخير لمن حولهم، وإن كان مع الفقر؟ أم المال وإن كان مع الحقد والحسد والغل؟


3.ألعاب أولادنا(مقالة - )
صدقي البيك  


تعود بي الذاكرة أحيانًا إلى أيَّام الطفولة وبدايات الصِّبا، وأستعيد ما بقي عالقًا فيها من أدوات اللعب التي كنَّا نلهو فيها ونجد فيها سعادة؛ من كُرات قماشيَّة بالية، وعِصِيٍّ طويلة أو قصيرة، وعيدان، وكرات حجرية أو زجاجيَّة، وخطوط نخطُّها على الأرض، أو حفر صغيرة متناثرة و... أو لعب نصنعها بأيدينا من أخشاب لها عجلات مصنوعة من أغطية بعض الزجاجات، أو عرائس للبنات من عيدان ملفَّفة بالقماش، هذه اللعب وتلك الألعاب التي كنَّا نؤديها كانت تملأ علينا أوقاتَنا وتغمرنا بالسعادة.

دفعني إلى هذه الذِّكريات ما قاله لي ولدي الصَّغير؛ إذ رغب إليَّ أنْ أشتري له (بلاي ستيشن)، وما هذا؟ أجاب: لعبة، ألا تعرفها؟! ألم تكن تلعب بها؟ فأجبته: ومِنْ أين لي - يا بُني - هذه اللعبة، وأنا لا أعرف اسمها؟! ألا تكفيك السيارات والدَّراجات المحركة بالكهرباء، وغير الكهرباء؟! ألا تكفيك الكُرات المطاطية، والمكعبات، والألوان السحرية؟! فنظر إليَّ بعين غير راضية ولا مقتنعة وولَّى.

أين نحن ولُعَبنا وألعابنا من لعب أبنائنا وألعابهم؟ وماذا ستكون لعب أحفادنا؟ نحن جيلُ القرن العشرين، وهم جيل القرن الحادي والعشرين، نحن من الألفيَّة الثانية، وهم من الألفية الثالثة، فإن لم يكن بيننا ألف سنة، فبيننا وبينهم مائة سنة؟

وأنا أتساءل الآن:
ما أثر هذه اللعب على الأطفال؟

هل أغنت معلوماتهم أو صقَّلت مواهبهم، أو أنَّها ملأت أوقاتِهم فشغلتهم عن ضروريات تعليمهم؟ هل أثقلت الحمل على قُدراتهم الذهنية بتعقيداتِها، أو أنَّها منحتهم مفاتيحَ لمغاليقِ ما يعرض عليهم؟

صحيح أنَّ صغار الطلاب يحسنون استعمال ألعاب الحاسب، بينما يستعصي استعماله على كثير من الآباء والأمهات، ولكن: هل نجد عند صغارنا ذلك الإبداع والتفوُّق الذي يُلحظ عند الكبار ممن جاء قبل هذه الألعاب؟

هل يحتاج صقل المواهب، وتحريك الهمم، وتدريب الأعضاء عند الصغار إلى كلِّ هذه الأجهزة (اللعب)، أو أنَّ تعقيداتِها وكثرتها كانت أكبر من طاقة الصِّغار على الاحتمال فأقعدتها؟

ولقائل أن يقول: لا تتعجل الأحكام، وانتظر النَّتائج، واصبر حتَّى تينع الثِّمار؛ فسوف ترى ما يبهج النَّفس، ويسعد القلب من تفوُّق الأفراد وتقدم الأمة، وإنَّا لمنتظرون.

4.أولادنا والإجازة(مقالة

-  الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)


الحمد لله الذي جعل الأولاد زينة للحياة، وغرس لهم في نفوس الوالدين حبًّا وحنانًا لا يُدْرَك مداه.

فهم سرج البيوت وأنوارها، ورياحين القلوب وأزهارها، بِصلاحِهم تضرب السعادة أطنابها، وبفسادهم تعمل فينا الشقاوة مخلبها ونابها، وهم مِن أعظم الأمانات التي أمر الله بِحفْظها، وتوعَّد بالعذاب على مَن تعرَّض لخيانتها أو رفضها، والصلاة والسلام على نبيِّ الرحمة، الذي وضع للتربية الفاضلة أصولاً، ورسم للأمة منهاجًا وفصولاً، فمَنِ اتبع منهجه في ذلك، أفلح ونجح، ومنْ حاد عنه، وقع في الخسارة وإليها جنح، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، الذين تَرَبَّوْا على عينه، ونهلوا من معينه، ومَن اهتدى بهديهم، واستنَّ بسنتهم إلى يوم الدين.

وأشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين.
الوصية بالتقوى
عباد الله:
تحدَّثْنا في الأسبوع الماضي عنِ الامتحانات، وقدِ انقضتِ الامتحانات عند أكثر الطلاب والطالبات، وأقبلتْ علينا الإجازة بفراغها، والفراغ سُمٌّ قاتل، ومرض عضال، لو سمعنا بمرضٍ متوقعٍ، لبادَرْنا جميعًا بتحصين أطفالنا منه، فهل بادرنا بتحصين أولادنا مِن مرض الفراغ الذي تفرضه علينا الإجازة، أَوَما سمعنا قول الشاعر:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغَ وَالجِدَهْ        مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ  مَفْسَدَهْ؟
ولذلك؛ فإنَّ الله قد أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يسدَّ الفراغ، بطاعة الله، والرغبة إليه؛ قال - تعالى -: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8]، قال السعدي - رحمه الله تعالى - في "تفسيره": "{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}، قال: أي: إذا تَفَرَّغْتَ من أشغالك، ولم يبقَ في قلبكَ ما يعوقه، فاجتهدْ في العبادة والدعاء، {وَإِلَى رَبِّكَ} وَحْدَهُ {فَارْغَبْ}؛ أي: أعظم الرَّغبة في إجابة دعائكَ، وقَبول دعوتكَ، ولا تكنْ ممن إذا فرغوا لعبوا، وأعرضوا عن رَبِّهم، وعن ذِكْره، فتكون منَ الخاسرين".

إذًا؛ لا بدَّ منَ الاستعداد للإجازة استعدادًا مدْرُوسًا قويًّا حازِمًا، ولا بدَّ لكل أسرة أن تضعَ لأبنائها خطة؛ لقضاء إجازتهم، تحفظهم منَ الضياع، وتنفعهم في دينهم ودنياهم، دون أن نحرمهم من حقوقهم في الاستجمام والرَّاحة.

واعلموا - رحمكم الله -:
أنَّكم إن لم تُخَطِّطوا لأنفسكم وأولادكم، فإن الأعداء يُخَطِّطون لكم ولهم؛ مِن أجل أن يغرقوكمْ في بحار اللَّهْو والمجون، ويعلقوا قلوب الشباب، ويملؤوا نفوسهم بحبِّ الشهوات والفواحش، حتى يأمنوا جانبهم، ويطمئِنُّوا أنهم لا يفكِّرون في قضاياهم، ولا يعدوا العُدَّة لحربِ أعدائهم وجهادهم، ولا يصلحوا دنياهم، ولا يعودوا إلى دينهم.

ومِن هذه الخُطط، التي يعدها الأعداء لإغراق شبابنا في جوٍّ منَ الفِسْق والمجون، والفواحش واللهو المحرَّم:
تقديم برنامج هابط وجذاب في القنوات الفضائية؛ استغلالاً لهذا الفراغ، حتى يشحنوا الشباب بثقافتهم التي تجعل الجيل العربي مستسلمًا لهم ولاستعمارهم، وغزوهم الثقافي والعسكري، ومن ذلك البرنامج الهابط الذي أثار ضَجَّةً كبيرة، والذي وصل بلادنا عبر سماسرة الفساد من أصحاب القنوات المشَفَّرة، والكابلات التلفزيونية، المسمى "أكاديمي ستار".

هذا البرنامج الذي يقول عنه وعن أمثاله صحفي إسرائيلي: "إن الواقع يقول: إن العرب والمسلمين الذين يؤمنون بعقيدة محو إسرائيل منَ الخريطة أصبحوا قلائل جدًّا، وإن برنامج "سوبر ستار" أعطانا الأمل لوجود جيل عربي مسلمٍ، متسامح للعيش مع دولة إسرائيل اليهودية".

فهذه خُطط الأعداء، وسوف تصل إلى كلِّ بيت - إلاَّ ما شاء الله - فما خططنا لمواجهتها؟

وليستِ القنوات الفضائيَّة هي المشكلة الوحيدة؛ ولكن الشارع يعجُّ بالمشاكل وبالمخاطِر على أبنائنا:
1- فهناك العِصابات المُجرِمة - عصابات الفساد - التي تَتَرَقَّب العطلة؛ لتُمارِس نشاطاتها الشريرة من ترويج مخدرات، ونشْر فواحش الزِّنا واللواط، وغيرها منَ الأمراض.

2- هناك الكثيرُ من أماكن تجمُّع الأطفال مِن أماكن ألعاب جيم، وكمبيوتر، وغيرها، يترصد فيها ذئاب بشرية؛ لافتراس أبنائكم، والولوغ في أعراضهم، وإفساد مستقبلهم.

3 - هناك الأطفال السائبون في الشوارع؛ كالبهائم الذين لا يسأل عنهم أهلهم، ولا يدرون أين يذهبون، ولا مع مَن يسيرون، ولا ماذا يفعلون - وهم يمارسون عادات سيئة كبيرة وكثيرة؛ من أقلها: السَّب والشَّتم وسوء الأخلاق، وأنواع منَ الألعاب الضارة، ومنها استخدام "المناطب"، التي قد تَتَسَبَّب في أضرار بليغة في أجساد الأطفال، وربما فقد أبصار، وكسر أسنان.

هذه بعض الأخطار، فما الحلول؟

الحل الأول: ملْء فراغهم بما ينفعهم:
- شغلهم بالدراسة والاستعداد للعام القادم.
- شغلهم بأعمال البيت أو استصحابهم مع آبائهم إلى العمل.
- شغلهم بالتسجيل في دورات التعليم وتحفيظ القرآن.
- رَبْطهم بصحبة طيبة يلازمونها، ويستفيدون منها.

الحل الثاني: حاولوا أن تفرغوا من أوقاتكم لمشاركتهم فراغهم، والترفيه عنهم برحلات عائلية، كلٌّ حسب طاقته.

الحل الثالث: اشغلوهم في البيوت بتوفير اللَّهو البريء النظيف والمُقيد، عبر أشرطة فيديو نافعة، أو ألعابٍ مفيدةٍ، أو مع الحذر الشديد لمن ابتلي بالدِّش والقنوات أن يختاروا قنواتٍ مفيدة؛ من أهمها: قناة المجد للأطفال، فهي أنظف الموجود، أو ما أشبهها مما عرف بُعده عنِ الفِتَن والمضارِّ. ملاحَظة: الحِفاظ على الكُتُب المدرسية، وعدم رمْيها في القمامة والطرق؛ لما فيها من كلام محترمٍ: من آياتٍ قرآنية وأحاديث، وذكر واسم الله، واسم الرسول، وحتى الحرف العربي ينبغي ألاَّ يُهانَ.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

أولادنا والصيف(مقالة - )
عبدالله بن صالح المالكي  


ما إن تنتهي فترة الاختبارات الدراسية حتى يبدأ الآباء الجادون في البحث عن برامج متميزة لأولادهم تتسم بالمتعة والفائدة، تشغل أولادهم، وتصقل مهاراتهم. وهنا أحب أن أقف مع القارئ المربي الكريم ثلاث وقفات:
الوقفة الأولى: التخطيط
فيجدر بنا كآباء أن نولي هذا الموضوع اهتماماً بالغاً فنخطط لمثل هذه البرامج التي نريد إلحاق أولادنا بها. والتخطيط لهذه البرامج يمر بثلاث مراحل:
1 - تحديد الاحتياج والميول:
فلا شك أننا نرغب من خلال هذه البرامج الصيفية أن نعالج جوانب القصور ونعزز جوانب القوة في أولادنا. من هنا كان لزاماً على كل أب حريص أن يجلس مع زوجته ويتباحثان في أهم الجوانب التي يريدان علاجها في ابنهم أو ابنتهم، دون إغفال لجوانب القوة التي يريدون تطويرها. وكلما كان التركيز على الاحتياجات العقلية والذهنية أكثر كلما كان تأثير البرامج أقوى.
2 - البحث عن الفرص المتاحة بحثاً تفصيلياً، فلا يكتفي الوالدان بالأسماء الرنانة، ولا بالشعارات البراقة للبرامج الصيفية، بل لا بد أن يتعرفوا على محتواها، وما سيقدم فيها، ومدى ملاءمته لاحتياجات وميول ابنهما.
3 - تحديد الخيار الأنسب من هذه الفرص المتاحة ومقارنة الاحتياجات والميول، ومدى مناسبتها للميزانية المرصودة لمثل هذه البرامج.
الوقفة الثانية: الإقناع
فالأولاد بحاجة ماسة لأن يدلفوا إلى هذه البرامج عن قناعة ورضا حتى تتحقق أعلى نسبة من الفائدة المرجوة، وهنا يحتاج الوالدان إلى المزيد من وسائل الإقناع، واختيار التوقيت المناسب لمناقشة هذه الأمور، مع التركيز على التحفيز والتشويق.
وكلما كان البرنامج يراعي ميول الابن سواء التقنية أو المهارية، فلا شك أن قبوله ورضاه سيكون أسرع.
الوقفة الثالثة: المتابعة، فلا ينتهي دور الوالدين عند دخول ابنهما في البرنامج الصيفي، بل لابد من المتابعة اليومية سواء عن طريق الابن أو الجهة المنفذة، إما بالحضور أو المهاتفة أو المراسلة.
ولا شك أنه ليست كل أسرة تستطيع أن تشرك ولدها في برنامج مدفوع الثمن، لكني أجزم أنه ليست هنالك من أسرة تعجز عن أن تجدول هذه الإجازة، وتفيد من مصادرها الميسورة لترتقي بأبنائها وبناتها.
ختاماً:
أهيب بكل أب وأم رؤومين أن يوليا هذا الأمر أهميته، ويتذكرا أن عجلة الوقت لا تقف، والفرص لا تعود. وليعلما أن الاتكالية في التربية لا تورث غير جيل هش الثقافة، هامشي الدور، ضعيف الفاعلية.
والله أسأل أن يعيننا على حمل هذه الأمانة الثقيلة، أمانة التربية.

أولادنا في رمضان(مقالة - )
عزة محمد حسن  


بَوَّبَ البخاري في صحيحه عن الربيع بنت مُعّود قالت: " كنا نصوم، ونصوَّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار".

العِهْن: أي الصوف.

قال العلماء: وهو ليس بواجب، ولكن ليتمرن الطفل عليه، وقاسوه على الصلاة، والأمر بها: ((مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاء سَبْعٍ، واضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ)).

فما هو دَوْرُكِ أيتها الأم مع أولادك في رمضان.

1- عند الاستعداد لاستقبال الشهر يجب الاهتمام بإظهار الفرحة وتزيين البيت؛ ليشعر الأولاد بأهمية الزائر الجديد.

2- لتكن لك جِلْسة مع أولادك في بداية رمضان - ويفضل أن يحضرها الوالد -، وحَدِّثِيهم عن فضل الشهر الكريم، وأبواب الجنة المفتوحة، وأنه فُرْصة لكل واحد أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله، وانْزِلي لمستواهم في التفكير، وحدثيهم بما يفهمونه هم عن حب الله وطاعته.

- ضَعِي معهم نظامًا لليوم، وقواعد للاستفادة من الوقت كله، مثلاً: صَمِّمِي معهم جَدْوَلاً للأعمال اليومية المطلوب أداؤها؛ من مذاكرة؛ وأداء واجبات؛ ونظميها حسب المواعيد الجديدة في رمضان.

4- حَدِّدِي للعبادات التي تريدين تعويدهم عليها أوقاتًا محددة في الجدول مثل: الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن، والأذكار، والصلاة في المسجد، وكذلك الأخلاق والسلوكيات مثل: العفو، وعدم التشاجر، أو التلفظ بألفاظ سيئة... وهكذا، وفي نهاية كل يوم يتحدث كل واحد منا ما فعل من خير في يومه، وهل وقع في محظور أم لا؟.

5- قولي لهم بأنك أنتِ أيضًا تُريدِين الاستفادة من رمضان؛ لذلك يجب عليهم مساعدتك في أعمال المنزل؛ حتى تأخذي ثواب رمضان أنتِ أيضًا، وحَدِّدِي لكل منهم أعمالاً واضحة يستطيع أداءها، وأهمها: تنظيم غرفهم؛ وملابسهم؛ وكتبهم؛ وكل ما يخصهم.

6- أمَّا الصوم؛ فعليك بالتدرج مع الصغير عِدَّة ساعات، ثم عِدَّة أيام.

واجعلي مُكافأة عن كل يوم يصومه، وعن أول شهر يصومه كاملاً. أمَّا الأطفال الذين لا يصومون: اجعلي وَجْبَتَيْهِم الأساسيَّتَيْن: الإفطار والسحور؛ ليسمعوا الدعاء؛ ويشاركوا الكبار فرحتهم، وراعِي الفروق بين الأولاد في التَّحَمُّل.

7- اهتَمِّي بالبنات، وخاصة القريبات من البُلوغ، وعلِّمِيهن فِقْه الصيام.

8- اهتَمِّي بابنك المُراهِق في مَرْحلة البلوغ، وحاولي أن تعقدي صداقة معه تقوم على الثقة، والتقدير بجانب العَطْف والحنان.

9- وفي رياض القرآن اجْعَلِي للطفل الذي يحسن القراءة وِرْدًا يَوْمِيًّا، وليقرأه من المصحف، ويستمع إلى قراءتك، واجعليه يُقَلدك ما استطاع.

ويمكن أن يقرأ مُقَرَّر المدرسة، ولكن عليك أن تُحَدِّدِي مكانه من المصحف، فهذا يشبع الإثارة عنده ويزيد رغبته في تقليد الكبار.

ولماذا لا يحفظ قدرًا - ولو يسيرًا - مِنَ القُرآن في رمضان؟

10- عَوِّدِي طفلك على الجُود في رمضان، وأن يَدَّخِر من مصروفه لذلك، وارْوِي لهم بعض القصص حول الصدقة مثل: ( ليته كان كاملاً).

11- اصْطَحِبِي – أنت والوالد - طفلك إلى صلاة القيام، وصلاة الفجر، واهْتَمِّي بمحافظتهم على الصَّلوات الخمس.

12- أَفْهِمِي ابنك وابنتك أنَّ الصيام لا يَصْلُح بدون الخلق الحسن.

13- هل ستتركين ابنك فريسة للتلفاز؟! حاولي توظيفه جيدًا، واهتمي بالشروط الصحية للمشاهدة.

14- وأخيرًا؛ استعيني بالله، وتوجهي إليه بالدعاء أن يتقبل الصيام، والقيام، وأن نخرج من رمضان بحال أفضل مما دخلنا بها.

ولدي والشجاعة(استشارة - )
أريج الطباع  


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
ولدي له من العمر سنتان ونصف، وقد بدأت ألاحظ عليه شيئًا مِمَّا أعْتَبِرُه جُبْنًا؛ إذ كان هو مَنْ يقود الأولاد ممَّن هم في سنِّه قبل ذلك، وكان هو الذي يُشتكى منه؛ إذ كان يقوم ببعض حركات الأولاد؛ من شد للشعر وضرب ودفع ونحو ذلك، وكان يأخذ بحقِّ نفسه دومًا إن ألحق به أيٌّ من الأولاد الأذى.. كنت كثيرًا ما أؤنبه وأصرخ به حين يضرب أحد الأولاد، وحين نهمُّ بالذهاب لزيارة أحد أنبِّهه ألاَّ يؤذي أيًّا من الأولاد.
ولكنَّه الآن يأتيني باكيًا، تبدو عليه علامات القهر والانزعاج حين يضربه أيٌّ من الأولاد ممَّن هم في سنِّه أو أكبر، دون أن يحرك ساكنًا تجاه مَنْ ضربه!
هذا الأمر يصيبني بالضيق الشديد؛ لخوفي أن يصير ولدًا جبانًا يستأسد عليه أقرانه.
ماذا أفعل؟ أشيروا عليَّ مشكورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
بدايةً؛ أحيي بكِ حرصكِ على تربية ولدك، والاهتمام بذلك.
يبدو أنه الطفل البِكْر لكِ، وربما الوحيد حتى الآن، نسأل الله أن يجعله من الصالحين.
غالبًا يكون قلقُنا واهتمامُنَا بالطفل الأوَّل أكبر من غيره، وقلة الخبرة تجعلنا لا ندرك ما يكون مشتركًا بين الأطفال عمومًا، وتنعكس المشكلة بعد ذلك لتصبح لا مبالاة، وكأن كل الأمور طبيعية تحدث مع كل الأطفال!
ما قمتِ به من الاستشارة والحرص يجعلك تخرجين من هذين النموذجين، لتتصرفي وفق معرفة ودراية، دون قلق مبالغ أو لا مبالاة لشخصية ولدك.
عودة لاستشارتك؛ فقد فهمت منها أن ولدك كان عدوانيًّا مع الأطفال الآخرين؛ حيث كان يُشتكى منه، ويقوم بضرب أو شد شعر غيره! وكان وقتها قادرًا على أخذ حقِّه، لكن ليس بطريقة صحيحة! علاجك للأمر - حسبما وصفته - كان بعدوان أيضًا؛ حيث تصرخين عليه وتوبِّخينه وتنبهينه! فهل علَّمْتِهِ وقتها كيف يأخذ حقه ويتعامل مع الأطفال دون أن يؤذيهم؟
ولدكِ عزيزتي لا زال صغيرًا، ليست له الخبرة في التعامل بعد؛ فهو يعتمد مبدأ التجربة والخطأ، والبيئة حوله تترك أثرًا كبيرًا على تصرفاته، وكذلك طريقة التربية.
لا تقلقي من تغيُّره؛ فهو نتيجة طبيعية لصراخك عليه وتنبيهه حينما كان يتبع الأسلوب المعاكس! فلا تحكمي عليه بالجبن، هو فقط بحاجة لأن يدرك الأسلوب الأمثل في التعامل، وأن يشعر بحبك واهتمامك، دون أن يكون ذلك بأسلوب حماية، أو بأسلوب لوم وتوبيخ!
ننصحكِ بأن تراعي ما يلي:
- شاركيه اللعب، وعلميه كيف يعبر عمَّا يشعر به؛ فعدم قدرة الطفل على التعبير تجعله يلجأ للغضب والعدوان أو البكاء والانسحاب!
- لا تلجئي معه للصراخ والتوبيخ؛ بل علميه بهدوء، وازرعي بداخله الثقة وتقدير الذات، حيث من هذا العمر تبدأ صورته عن نفسه بالتكوُّن، ثقي به، وساعديه ليرى نفسه بصورة إيجابيَّة.
- يُمْكِنُك أن تحكي له القصص بطريقةٍ تُساعِدُه على فهمها، وأن تَغْرِسي بِها ما ترغبين به من سلوك.. يمكن أن تكون القصص عن حيوانات أليفة، تستخدمين الدُّمى وأنت تحكين له عنها، وتُرينه كيف استطاعت الشخصيات أن تتجاوز المشكلات بحكمة!
- حينما يَحصُل بينه وبين الأطفال خلاف؛ احذري الحماية الزائدة أو التوبيخ؛ بل امسكي يده، واجعليه هو مَنْ يتصرف قدر استطاعتك، وأشعريه بالثقة في أنه يستطيع أن يأخذ حقه دون عدوان أو ضعف، بألاَّ يُظهر ضعفه لمَنِ اعتدى عليه، ويقول له: لا أحب هذه الطريقة.. ويأخذ حقَّه.
لجوؤه للكبار جيد أيضًا بحال كانت القوة متفاوتة، لكن المهم أن تعززي قوته وتُشعريه بالثقة في أنه قادر على حماية نفسه.
- وضعكِ لتصور عمَّا يجب عليه أن يتصرفه، سيساعدك أكثر على توجيهه؛ فعدم مبادرته بالضرب، وعدم ضعفه وبكائه، وأيضًا قوته في أن يكتفي بأخذ حقه دون عدوان - كل ذلك سيساعده على التصرف بطريقة سلمية.
- والأهم من كل ذلك؛ أن تجعلي هدفَكِ دومًا هو تربية طفلك وتعليمه السلوك الأمثل الذي تحرصين أن يتبعه، دون أن تؤثر عليكِ عوامل أخرى فتغير أسلوبك في التعامل معه؛ كغضبكِ من الضغوط، أو حرجكِ أمام صديقاتك من سلوكه! أو... الخ.
انتبهي؛ لا تبالغي بقلقكِ كي لا ينتقل له؛ بل تَعامَلِي مَعَهُ بثِقَة، وثقِّفي نفسكِ في مجال طرق تربية الأطفال والتعامل معهم.
وفقكِ الله في تربيتكِ، وأقرَّ عينكِ بولدكِ، وجعله من الصالحين.


ظاهرة التدخين في مدارسنا(مقالة - )

بدر عبدالحميد هميسة


ظاهرة التدخين وانتشارها في مدارسنا وبين أبنائنا من الطلاب أصبحت ظاهرة تستحق أن نتوقف عندها لنعرف أسبابها وآثارها السيئة، والسبل المقترحة لعلاجها ولابد حينئذ من تكاتف الجهود وتوحد القوى للقضاء على هذا الخطر الداهم الذي بدأ يتزايد كل عام عن الأعوام السابقة، وبدأ يهدد حياة أولادنا وفلذات أكبادنا.

ولقد أمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم بان نحافظ على أولادنا ونحميهم من المهالك والأخطار، ومما يهدد مستقبل حياتهم، فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كل إنسان راع وكل راع مسؤول أمام الله عن رعيته، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالرَّجُلُ في مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)). أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و"البُخَارِي" 2/6 و4/6 (2751) وفي (الأدب المفرد) 214 و"مسلم" 6/8 (4755).

فالأبوان راعيان لأولادهم وهما مسئولان عن رعايتهما والمعلم راع وهو مسؤول عن رعاية طلابه، والإعلام راع وهو مسؤول عن تثقيف الناس بالثقافة الإسلامية الصحيحة، لذا فإن مسؤولية تربية النشء تقع على المجتمع كله.

فالوالدان في البداية تقع عليهما المسؤولية في تنشئة الأبناء تنشئة صالحة وذلك عن طريق التربية الصحيحة بتعريف الأبناء بما يضرهم وبما ينفعهم في حياتهم.

فالأب يبدأ بمراقبة سلوك أبنائه مراقبة دقيقة ويجنبهم رفاق السوء وبخاصة إذا وصل الابن إلى سن المراهقة، فتزداد الرقابة عليه ولا يترك له الحبل على الغارب، والابن في هذه السن يقلد من هو أكبر منه، فإذا ما وجد أباه يدخن أمامه فمن الصعب على الأب أن يأمره بعدم التدخين،قال الشاعر العربي:

يا أيها الرجل المعلمُ غيرهَ
هلا لنفسك كان ذا التعليمُ
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثلَه
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك تُقبل إن وعظت ويُقتدى
بالقول منك وينفع التعليمُ
تصفُ الدواءَ لذي السقام الضنا
كيما يصح به وأنت سقيمُ
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا
نصحاً وأنت من الرشادِ عديمُ

والمدرسة - أيضا- لها دورها البارز في علاج ظاهرة التدخين وذلك عن طريق توعية الطلاب بأضرار التدخين وأثاره المدمرة، وعمل لقاءات وندوات للتعريف بأضرار التدخين وسبل الوقاية منه.
وهذه التوعية لا بد أن يشارك فيها جميع مدرسي المواد، فمدرس مادة العلوم مثلا من الممكن أن يخصص جزءاً من حصته للحديث عن أضرار التدخين من الناحية الصحيحة، وكيف أن التدخين يؤثر علي وظائف الأعضاء، فيصيب الجهاز الهضمي بالتلف ويسبب قرحة الإثني عشر والأمعاء، وسرطان المعدة، كما يؤثر علي الجهاز الدوري من تصلب الشرايين وجلطات القلب، وزيادة نسبة السكر في الدم، وعلي الجهاز التنفسي من سرطان الرئة، وضيق القصبة الهوائية وعلي الجهاز العصبي بالصداع الدائم والأرق وضعف الذاكرة وضعف الأعصاب ثم تأثيره علي الجهاز البولي وعلي باقي أجهزة الجسم إضافة إلي الأمراض النفسية الكثيرة التي يصاب بها المدخن.
ومدرس مادة الاجتماعيات من الممكن- كذلك- أن يبين للطلاب الأثر الاجتماعي والاقتصادي السيئ للتدخين وكيف أنه يسبب أكبر وفيات في العالم، ويسبب الحرائق وذلك بسبب تحرك بقايا السجائر، كما أن رائحته تؤذي المجتمع فيحدث التنافر بين الناس.
ومدرس مادة التربية الإسلامية عليه أن يبين للطلاب حكم التدخين من الناحية الشرعية، وبأن الإسلام قد حرم علي الإنسان كل ما يضره قال تعالي: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]. وقال: ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ))؛ أخرجه أحمد 1/255 (2307) و(ابن ماجة) 2337، وعَنْ أم سَلَمَةَ، قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللهِِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلًّ مُسْكِرٍ ومُفْتِرٍ. أخرجه أحمد 6/309 و"أبو داود" 3686.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

snaptube descargar pro in play store

اكتشف الفرق بين المطور والمبرمج

Fusion et publipostage : دمج المراسلات باستعمال word2007